في تلك الأثناء
ظهر ذاك المجهول …
كان ككتلة من الصمت
بين صرخات الزنوج
وصوت ضربات الطبول…
وبين الوحوش والفرائس
والطعنات والدسائس
كنت هناك
كقشة تحت أقدام الخيول…
في تلك الأثناء
رايته
أردت ان أستنجده
ولكن ماذا أقول؟…
أرسلت له بريداً مستعجلاً
نظرات تحمل قبلات
تطلب النجدة
ولكنه لنجدتي لم يكن عجول…
لحظات
ثم اختفى من أمامي
فأختفى حلمي
اختفت كل أحلامي.
واختفى كل شيء
والزنوج
وصوت الطبول ذات الضجيج
واختفت الغابة
وبدت كصحراء…
لم أجد ما يأنس وحدتي
سوى البكاء…
فبكيت
كيتيم يبكي أخاه المقتول….
انتظرت
فطال أنظاري ..
لحظات عشتها بحيرتي
وشوق وناري …
نظرت الى ساعتي
فبدى عقربها …عقرب كسول !..
لحظات ..
بدت كقرون وعصور.
سألت نفسي مراراً
هل سيعود ؟
هل سيأتي من جديد؟…
أو بأمر آخر مشغول…
لحظات مرت كقرون وعصور..
ثم ظهر ذاك المجهول..
شق أدغال الغابة كوحش جسور..
لم أصدق
أعددت نفسي لحفلة صغيرة,
أشعلت الشموع
أعددت أكاليل الزهور..
لحظات
ساد فيها الصمت
أختفى فيها صوت الضجيج
وصوت صرخات الزنوج
وبدى شعوري كمزيج…
من التباهي والكبرياء
والإحراج والحياء..
لحظات
كنت فيها أسأل نفسي
وأنتظر الجواب..
أتراه يفعلها؟
هل سيقع أمامي
كعشيقاً من أجل عشيقته
يشق المخاطر والصعاب…؟
ويسقط أمامها
بجروح الهوى مصاب؟….
وقف بقربي
فساد الصمت
وتوقف الزمن…
باتت الغابة من حولي
كحديقة أطفال في أحدى المدن…
تأملت وجهه
أنه وحش….وسيم..
بدى وجهه كجدار قديم..
كثرت فيه الشقوق
ورموز الأجداد
بدى وكأنه ..لوحة لفنان عظيم..
تحدث
تحدث بصوت جوهري..
صوت يصاحبه دوي..
كهدير لشلال قوي..
تحدث كشيخً هرم
عاش زمانه وهو زعيم…
تبادلنا النظرات
وكذلك الهمسات
سألني بحياء
فجاوبت بجفاء
وبعد لحظات..
اختفى ذاك الشهاب..
أختفى…ونظرته تقول..
وجدناك سراب
وجدناك سراب
وجدناك سراب…..
حكاية السراب والمجهول .. بقلم : محمد عبد القادر بوحويش ( 1999 )