لِمَاذَا حَيْنَ تَطْلُبُنِي أَذُوْبُ
وَفِي الأَحْلامِ مِنْ وَلَهِي أَغِيْبُ
أَصَوْتُكَ مِنْ رِحَابِ الغيبِ غنَّى
أَتَبْسِمُ لي بِلُقْيَاكَ الْغُيُوْبُ
نَغُوْماً مِثْلَ شَدْوٍ عَنْدَلِيٍّب
طَرُوْباً كَالرَّبِيْعِ إِذَا يَؤُوْبُ
أَهَمْسُكَ من شِفَاهِ الْوَجْدِ يَهْمِي
رِضَاباً فِي أَحَاسِيْسِي يَذُوْبُ
يُغيِّبُنِي بِهَمْسَاتٍ سُكارَى
تَقَاطَرَ من ثَنَايَاهَا الطُّيُوْبُ
تُصِيْبُ أَنَامِلِيْ حُمَّى ارْتِعَاشٍ
وَيُرْقِصُ مُهْجَتِي الأَمَلُ الطَّرُوْبُ
فَيَسْرِي بِيْ إِلى لُقيَاكَ حُلْمٌ
وَتَسْرُقُ خُطْوَتِيْ مِنِّيْ الدُّرُوْبُ
أُسَافِرُ في هَوَاكَ عَلَى جَنَاحٍ
مِنَ الأَحْلامِ يُغْرِيْنِي الْغُرُوْبُ
تُخَاصِرُنِي الْمَشَاعِرُ وَهْيَ وَهْمٍ
تُخَادِعُني الأَمَانِيْ وَهْي رَيْبُ
فَلا أَدْرِي لِمَا رَاوَدْتَ قَلْبِيْ
وَقَدْ أَوْهَتْهُ فِي الْحُبِّ الخْطُوْبُ
*****
حَبِيْبِيْ ، كَمْ تُخَالِجُنِي ظُنُوْنٌ
وليس يُطِيعُنِي الْقَلْبُ السَّلِيْبُ
تُسَاوِرُ فَرْحَتِي غَيْمَاتُ يَأْسٍ
وَيجْرَحُ مُقْلَتِي الدَّمْعُ السَّكِيْبُ
على جَفْنِيْكَ تَدْعُوْنِي وُعُوْدٌ
يَتَوْقُ لِلَمْسِهَا الْقَلْبُ الْجَدِيْبُ
سَئِمْتُ مَوَاعِداً جَرْدَاءَ يَذْوِي
على جَنَبَاتِهَا وَعْدٌ خَصِيْبُ
يُسَابِقُنِيْ إِلى لُقْيَاكَ قَلْبٌ
لَهُ في صَمْتِ أَيَّامِيْ وَجِيْبُ
يُغَالِبُني فَيَلْقَاكَ اعْتِنَاقاً
غَرِيْباً حِيْنَ يَلقَاهُ الْغَرِيْبُ
*****
على الأَشْوَاكِ كم سَيَّرْتُ قلبي
عَسَاهَا أَنْ تُكَافِئَنِي الدُّرُوْبُ
جراحٌ في جراحٍ ، ألفُ جرحٍ
يُسَوِّفُ مُهْجَتِي الأملُ القريبُ
وأزجرُ خَافقي يَكْفِيْكَ لَهْواً
يَقُوْلُ تَرَفَّقِي .. هذا الحبيبُ
ألهوٌ والأمَانِي ذَابِلاتٌ
لمَاذا أيُّهَا القلبُ اللعوبُ
لماذا أيُّهَا القلبُ المُعنَّى
إذا هزَّتْكَ أَحلامٌ تَذوبُ
أرَنَّةُ هَاتِفٍ تُرْدِيْكَ صَبَّاً
يَكَادُ يُميتُكَ الرجفُ الرهيبُ
فمَا لَكَ رَاعِشٌ كَرَفِيفِ غُصْنٍ
خريفاً قد تولاهُ الهبوبُ
أَلَسْتَ وَعَدْتَنِي بالسَّلوِ يوماً
عنِ الأشوَاقِ والنَّجْوَى تَتُوْبُ
لقد أفنيْتَ يا قلبُ اصطباري
أَلا تَرْتَاحُ حيناً أو تؤوبُ
لكم غَرَّتكَ يا قلبي عيونٌ
لكم خانتكَ يا قلبي قلوبُ ..؟
*****
أَتَطْلُبُنِيْ عَلَى لَهَفٍ حَبِيْبِي
يَهُزُّ مَشَاعِري الشَّوقُ المُرِيْبُ ..؟
تُنَادِيْنِي فَلا أُبْدِيْ جَوَاباً
فَلا أَدْرِيْ أَأُخْطِئُ أَمْ أصيبُ
وتُسَألُنِي فَيَسْبِقُنِيْ حَنِيْنِيْ
يُجِيْبُ تولُّهي مَا لا أُجِيْبُ
فَأَسْرَحُ ثُمَّ أَغْفُوْ فَوْقَ صَوْتٍ
يُسَامِرُِني فَتَغمُرُنِي الطُّيُوْبُ
فَأَحْضُنُ هَاتِفِي وَأَنَامُ رُوْحاً
تَمَاهَتْ في الْهَوى ، تَسْمُو ، تغيبُ
تَطُوْفُ مَدَائِنَ الأَحْلامِ جَذْلَى
وَفَوْقَ مَحَارِبِ النَّجْوَى تَذُوْبُ
يُجَاذبُنِي إلى عَيْنِيْكَ طَيْفٌ
وأحلامٌ وأشواقٌ وَطِيْبُ
تُرَاقِصُنِي الأمَانِيْ في بهَاءٍ
ويكبرُ فيَّ إَحْسَاسٌ غريبُ
فَأَشْعُرُ أَنَّنِيْ مَحْضُ انْدِهَاشٍ
يُثِيْرُ تَوَلُّهي الصَّوْتُ الْحَبِيْبُ
أُفَتِّشُ عَنْكَ في حُلُمِيْ وَصَحْوِيْ
وَأَسْأَلُ عَنْكَ تَكْسِفُنِي الدُّرُوْبُ
فَلا أَلْقَاكَ إِلاَّ بَعْضَ وَهْمٍ
خَيَالاً قَدْ تَغَشَّاهُ الْغُرُوْبُ
اتصال .. ( الأديب جمعة الفاخري )